.

hhhh

4587

الخلاص من المسيحية إلى الإسلام-فادي كباتيلو


الخلاص

من المسيحية إلى الإسلام

بقلم

فادي كباتيلو



مباحث الكتاب : -


-        الخطيئة والكفارة .


-        اعتراضات من الكتاب المقدس. 


-        اعتراضات عقلية .


-        الخلاص الذي جاء به المسيح.


-        بين المسيح ومحمد – عليهما الصلاة والسلام-. 


-        براهين تتطلب قرارا.


المقدمة :-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ، فإن هذه المقدمة لم تكتب لتقرأها قراءة عابرة أو سطحية ، بل لتمعن النظر فيها وتكرره ؛ إذ إنها تعالج سببا مهما من الأسباب التي تحول بين المرء وقبوله للحق مما يستلزم أن تكون واضحة راسخة في النفس ، وإلا فإن بإمكانك أن تتجاوزها إلى الكتاب مكتفيا بالنظر في عنوانه ، وقائمة مباحثه  مع مراعات التجرد لمعرفة الحق عند قراءته .
إن المشكلة الكبرى هي في أناس اتهموا عقولهم الموافقة لظواهر النصوص المقدسة بالقصور ، وأخرجوا تلك النصوص عن ظاهرها ، وفهموها فهما محرفا حتى تتفق مع ما تعلموه في بيوتهم أو في مدارس الأحد !! مع أن المفترض في الكتاب الذي يكتب بوحي من الله  أن يكون فيه البيان الواضح والشافي لمسائل الإيمان ، وأن يستقل بذلك حتى تتم الهداية التامة للناس التي هي المقصود الأساسي من كتابته بمجرد قراءته ، والتأمل في ظواهر معانيه ، وربما كانت هذه المشكلة مشكلة كثير من المسيحيين في العالم ، وليعذروني على هذه الصراحة التي ربما تسبب الأذى لبعضهم ، إلا أنني سأضرب مثالا يوضح ما أقول ويدلل عليه حتى يحكم القارئ بنفسه .
لنأخذ مسألة التثليث وألوهية المسيح على اعتبار أن المسيح جزء من الثالوث المقدس عند المسيحيين ، هذه المسألة التي تربى عليها الكثير من المسيحيين حتى أصبحت مسلمة تفسر من خلالها نصوص الكتاب المقدس تفسيرات محرفة على حساب ظواهر النصوص ، ويتهم العقل بالعجز والقصور لأجلها ، بل يطرد من الإيمان المسيحي كل من لا يؤمن بها .
        وحتى يتبين ما أقول ليتأمل معي القارئ في قول المسيح وهو يخاطب الآب في إنجيل يوحنا (3:17) [ وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ] فالحياة الأبدية أن تعرف أن الآب هو الإله الحقيقي وحده أي أن الابن والروح القدس ليسوا آلهة حقيقية ، وإن أطلق على أحدهما ، إله فإن المقصود أنه صارت إليه كلمة الله ، وهذا المعنى يشترك فيه المسيح واليهود ، فعندما اتهم اليهود المسيح بالتجديف لأنه جعل نفسه إلها وهو إنسان كما جاء في إنجيل يوحنا (33:10-35) ، أجابهم المسيح: [ أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت : إنكم آلهة ، إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم الكلمة ] فهو لم يقصد أنه إله على الحقيقة ، لأن الإله الحقيقي وحده هو الآب والمسيح مرسل من عنده ، إلا أن المسيحي الذي تربى على خلاف هذه المعلومة الواضحة التي علمها المسيح سيسارع إلى القول بأن مقصود المسيح هو أن الحياة الأبدية هي أن يعرفوا أن الإله الحقيقي هو الآب ، و يسوع المسيح الذي أرسله الآب أيضا إله حقيقي ، أو أن المسيح له طبيعتان ؛ طبيعة بشرية وطبيعة إلهية وعندما قال هذا الكلام فإنما كان يتكلم عن طبيعته البشرية أما طبيعته الإلهية فهي أنه إله حقيقي مع الآب .
وهذان التفسيران كما ترى ما هما إلا تحريف لمراد المسيح ولي للنصوص حتى تتفق مع ما تعلمه المرء ونشأ عليه ، وبهذا التحريف لا تعود كلمة الله مستقلة في بناء العقائد الإيمانية ، بل ستصبح تابعة لأفهام البشر يذهبون بها حيث شاؤوا دون مراعاة لحرمتها وما تدل عليه من معان قصد إيصالها لقارئها ، إذ إن المسيح قال :[ أنت الإله الحقيقي وحدك ] أي أنت فقط من غير أن يكون أحد معك ، لا أن المسيح أيضا إله معك ، أو أنه إله معك بطبيعته الإلهية ، وإلا لما صار الآب هو الإله وحده .
        أما أن قضية التثليث تتناقض مع ضرورة العقل ، فلأن المسيحيين يعتقدون أن الآب إله كامل ، والابن إله كامل ، وكذلك الروح القدس ، والآب ليس هو الابن ، وهذان ليس واحد منهما هو الروح القدس ، إلا أن هؤلاء الثلاثة ليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد ، وهذه النتيجة مناقضة للمقدمتين السابقتين أشد المناقضة ، ولا يمكن أن تكون صحيحة إلا في حالتين : الأولى : أن يكون الآب جزءا من الله ، وليس إلها كاملا وكذلك الابن و الروح القدس ، ومجموع هؤلاء يساوي الله ،كالشمس تتكون من حرارة وقرص وضوء وهذه الأجزاء الثلاثة تكون ، الشمس وليست واحدة منها شمسا كاملة ، والحالة الثانية : أن يكون الآب هو نفسه الابن والروح القدس فهي ثلاثة مسميات لشيء واحد ، وليس كل واحد منهم شيئا غير الآخر ،كإنسان يكون عاملا وزوجا ووالدا ، فالعامل ليس شيئا آخر غير الزوج وإنما هي مجرد أوصاف لشيء واحد ، إلا أن المسيحيين على العموم لا يقولون بأي من هاتين الحالتي ،ن ويصرون على القول بأن التثليث لا يعني وجود ثلاثة آلهة ، بل إله واحد ، فإذا ما ووجهوا بهذا التناقض العقلي البدهي في قولهم ، اتهموا العقل بالقصور عن فهم هذه القضية ليسلم لهم إيمانهم الذي تربوا عليه من الطعن . 
        نعم ربما حاول بعض الأفراد أن يقنع نفسه بأن ما هو عليه هو الصواب ، باستناده إلى فقرات من الكتاب المقدس يحتمل ظاهرها عدة تفسيرات ، من بينها التفسير الذي يريده ، فيتمسك بهذا التفسير - ولا أقول بهذا النص لأن النص يحتمل عدة تفسيرات وليس حمله على تفسيره هو بأولى من حمله على تفسير آخر مناقض لتفسيره – ويترك سائر التفاسير المحتملة ، ويحرف ما تبقى من نصوص الكتاب المقدس التي لا تحتمل إلا معنى واحدا مناقضا لتفسيره وإيمانه ، بدلا من أن يجعل النص الذي لا يحتمل إلا تفسيرا واحدا هو الأساس الذي تفهم من خلاله النصوص التي تحتمل أكثر من معنى ، وإنما يلجأ إلى هذا التحريف حتى يبقى منسجما مع ما تربى عليه موهما نفسه بأنه يستند في إيمانه إلى نصوص الكتاب المقدس .
        ومثال هذا أنك تجده يستدل على ألوهية الابن بقول المسيح :[ أنا والآب واحد ] إنجيل يوحنا (30:10) وهذا النص يحتمل إن أخذ وحده أن يفسر عدة تفاسير ، منها أن المسيح هو نفسه الآب ، أو أن المسيح والآب واحد في كونه إلها مثله ، أو أن المسيح والآب واحد في كونه يتكلم بنفس التعاليم التي أرسله بها ، هذه التفسيرات الثلاثة محتملة في كلام المسيح ، وليس أحدها بأولى من الآخر إن أخذ قول المسيح هذا وحده مجردا عن باقي أقواله التي تبين قصده ، إلا لمن أراد أن يفسرها على وفق ما تربى ونشأ عليه من معتقدات من غير مراعاة لقصد المسيح الحقيقي ثم يحاول أن يثبت بهذا النص أن إيمانه مستمد من كلام المسيح ، أما إذا أردنا أن نعرف مراد المسيح من خلال كلامه هو فإننا سنلغي التفسير الأول لوجود النصوص الكثيرة التي تبين أن المسيح كان يدعو الآب ويتضرع إليه أو التي تبين أنه مرسل من عنده كما في النص الأول الذي ذكرناه ، مما يدل على أن المسيح شخص آخر غير الآب ،كذلك سنرد التفسير الثاني لأنه يدل على أن هناك إلها حقيقيا آخر مع الآب وهو ما يخالف قول المسيح :[ أنت الإله الحقيقي وحدك ] ، وعليه فلن يبقى أمامنا إلا التفسير الثالث ، وهكذا نكون قد فسرنا النصوص المقدسة من خلال النصوص المقدسة ذاتها ، لا من خلال المعتقدات المسبقة ، أو من خلال التفسيرات الفلسفية والنظريات المعقدة التي يتيه فيها العلماء فضلا عن العامة.
        على أن هذه العملية التي يقوم بها المرء من تفسير النصوص المقدسة بناء على خلفيته الإيمانية ، والتي تحاول أن تجد لنفسها مستندا من خلال النصوص المحتملة لأكثر من معنى ، هذه العملية تتم في كثير من الأحيان بشكل تلقائي من غير أن يشعر المرء بها سواء أقام هو بهذه العملية أم سمعها من غيره ممن يشاركه في خلفيته الإيمانية ، مما يستلزم ممن أراد الحق أن يتجرد تجردا كبيرا ، وأن ينظر من خارج الإطار الذي وضع فيه حتى يستطيع أن يفهم الأمور على حقيقتها ، وهذا ما نتأمله من القارئ لهذا الكتاب ممن نشأ على خلفية مناقضة لما جاء فيه ، وذلك أننا قمنا بطرح قضايا أساسية ومهمة في الإيمان المسيحي لإعادة النظر فيها من منظور آخر تتعلق بالخطيئة الموروثة ، وعالمية رسالة المسيح ، وصلبه تكفيرا عن خطايا البشر ، وألوهيته ، ومسائل أخرى متعلقة بما ذكرنا . وقد ذكرت من الأدلة والبراهين والمناقشات ما يكفي المنصف الذي رضي لنفسه أن ينظر إلى إيمانه من المنظور الذي أوضحناه له ، ثم بينت حاجة العالم إلى رسول بعد المسيح يبين للناس طريق الله الذي التبس عليهم ، والذي تمثل في محمد صلى الله عليه وسلم ، وبينت بعض البراهين الضرورية التي تدل على صدقه ، وأجبت المسيحين عما يثار حول شخصه الكريم من افتراءات جوابا عاما يكفي ويشفي لمن أراد الحق ، والله أسأل أن يوفقنا لما هو صواب ، وأن يدلنا على الخير حيث كان ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وهو المجيب لمن دعاه مخلصا .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites