ثالثا : نبوة مريم عليها السلام بين أهل الإسلام وأهل الكتاب
لقد استدل بعض أئمة أهل السنة كأبي الحسن الأشعري وابن حزم رحمهما الله على نبوة مريم عليها السلام ، وذلك بما لها من كرامات وبإرسال جبريل عليه السلام لها وكلامه معها ، وهي مخالفة جلية لعقيدة أهل السنة والجماعة تردها الأدلة الشرعية من أوجه :
الأول : أن النبوة خاصة بالرجال دون النساء ، قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ)[1] ، ولقول النبي : (ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته الدجال أنذره نوح و النبيون من بعده)[2].
الثاني : أنه ليس كل وحي خاص بالأنبياء ، كما أوحى الله عز وجل لأم موسى بإرضاعه ، قال تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أن أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)[3].
وأوحى الله للنحل باتخاذ البيوت كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)[4]
كما أبان النبي أن الأمم السابقة كان فيها من تكلمهم الملائكة ، وهم المحدثون ، فقد روى الإمام البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال : (إنه كان قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون ، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب )[5].
الثالث : نفي الله عز وجل نبوتها في القرآن (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[6] ، ففي هذه الآية إثبات أنها صديقة وليست نبية.
ورغم أن أهل الكتاب يجيزون نبوة النساء كما ورد في العهد القديم : (و دبورة امراة نبية زوجة لفيدوت هي قاضية اسرائيل في ذلك الوقت * وهي جالسة تحت نخلة دبورة بين الرامة وبيت ايل في جبل افرايم وكان بنو اسرائيل يصعدون اليها للقضاء )[7] ، إلا أني لم أجد لهم قولا في إثبات النبوة لمريم عليها السلام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق